مستقبل الثورات العربية
الكثير منا يظن أن المستقبل سيكون زاهرا في الدول العربية بعد هذه الثورات المتتالية...لكن السؤال هنا هل الثورة غاية في ذاتها أم أنها وسيلة للتغيير كما هو معروف في علم الإجتماع.
فإذا كانت الثورة غاية في ذاتها كما يروج له الأن في الإعلام العربي فهذه مشكلة كبيرة فالثورة كما هو معروف في علم الإجتماع السياسي هي مرحلة حرجة و مؤلمة في تاريخ مجتمع ما بحيث ينتقل فيها هذا المجتمع من أسلوب للحياة السياسية و الإجتماعية الى أسلوب مخالف جذريا للأسلوب السابق..و الشرط هنا حسب هذا التعريف للثورة هو أن أسلوب الحياة السياسية و الإجتماعية الجديد يجب أن يكون مجمع عليه من طرف هذا المجتمع و يكون عنده تصور مسبق له و إلا فإن الثورة ستأكل نفسها و ستتحول الى إنقلاب إجتماعي و سياسي في هذا المجتمع...
أما إذا أسقطنا هذا على عالمنا العربي و على مصر خاصة بإعتبارها مركزا و نموذجا لهذا التغيير ,هل كان هناك تصور مسبق لأسلوب الحياة السياسية و الإجتماعية المنشود موجودا لدى غالبية الشعب المصري مثلا علاقة الدين بالدولة و السياسة أو علاقة الدولة بالإقتصاد هل كان مجمع عليه مسبقا أبدا لا و هذا مشكل كبير جدا لأنه في مرحلة الثورة كل النقاط المظلمة التي كانت مخزنة في العقل الباطن للمجتمع و تناقش على إستحياء فإنها ستخرج بقوة في مرحلة الثورة و قد قد تسبب مشاكل كبيرة...
و الحل المطلوب الآن هو لابدا من أن تناقش هذه النقاط الرمادية بكل صراحة أمام الملأ,قد يقول قائل أن هذه النقاط نوقشت و تناقش منذ زمن بعيد و لكني هنا أطالب بمناقشة هذه النقاط علنا أمام الشعب و المواطن البسيط لأن سلطة و قوة الدولة الأن هي لدى الشعب في مرحلة الثورة التي سيسلمها هذا الشعب لمن يثق به,وبالتالي لابدا أن يسمع المواطن البسيط هذه النقاشات و يختار بعدها ما يطمئن له,لأن مشكلتنا في العالم العربي و الإسلامي هي قضية أحتكار المفاهيم فإذا قلت علاقة الدين بالسياسة فالكل في مصر سيلتفت الى الإخوان المسلمين و هذا خطأ كبير أو تكلمت عن القومية سيلتفت الجميع الى الحركات القومية ...لأن الدين و القومية هوية لكل المجتمع و ليس لطرف دون أخر...يا جماعة هل ناقش الفرنسيون علاقة الدين بالدولة قبل الثورة أم بعدها...حتى الأن فإنك لا تجد في فرنسا من يناقش العلمانية كعقيدة للدولة و المجتمع الفرنسي , قد يناقش تعريفها و مفهومها الدقيق لكن قضية مرجعيتها للدولة الفرنسية فهذا مسلم به.
قد تظنوني أدعو الى العلمانية و لكني أكبر مهاجم لها و لكني أتكلم عن علاقة الدين بالدولة و السياسة التي أدعو الى مناقشتها أمام الجمهور حتى يختار الأصلح عوضا من أن نترك فصيل أو حركة ما تحتكر هذا الموضوع لأنه قضية هوية تهمنا كلنا.
سنتكلم عن علاقة الدين بالدولة و السياسة لاحقا إن شاء الله...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق