walid.d81@gmail.com

صورتي
البسباس, ولاية الطارف, Algeria
أفكار تسعى الى إقامت دولة عربية ديمقراطية متقدمة وفقا للمرجعية الإسلامية

الأحد، 9 يناير 2011

اقتصاد الدولة الإسلامية :

بما أننا نتكلم على ركائز وأسس الدولة الإسلامية كان لزاما علينا أن نضيء الجانب الاقتصادي لهذه الدولة .... وأنا لا أزعم أنني عالم اقتصاد أو مختص في التنظير الاقتصادي ولكن لي مجموعة من الأفكار أردت أن أضعها في هذه السطور .
- المناخ الملائم لإشعال فتيل النهضة :
قلنا من قبل في فصل العلمانية أن فتيل النهضة الأوربية قد أشعل بانتقال الأفكار الجديدة التي جاء بها الإسلام ,فمن المدرسة الرشدية في أوربا التي كانت مرآة تحكى أفكار ابن رشد المسلم على العقل الأوربي ثمّ ميلاد المدرسة الإنسانية التي تهدف إلى وضع الإنسان في مكانته التي خلق لها فكانت تحارب التيار الديني المسيحي الظلامي , ومن العجيب أن روادها كانوا في كثير من الأحيان يحتجون بالآراء و الأفكار الإسلامية بل بالآيات القرآنية نفسها من قبيل قوله تعالى :((ولقد كرمنا بني أدام...))وآيات أخرى ......ثم حدوث حركة الإصلاح الديني التي طهرت الديانة المسيحية من الأساطير والخرافات التي كانت تحيط بها...هذا كله أحدث تغييرات اجتماعية ونفسية لدى الإنسان الأوربي تولدت عنه نهضة العالم يجني ثمارها الآن.
وبالتعبير الديني فعقيدة التوحيد التي جاء بها الإسلام في الرسالة الخاتمة هي التي أحدثت تغيرات اجتماعية ونفسية في المجتمع العربي أثناء نزول الوحي فأحدث نهضة إسلامية الكلّ يشهد بعظمتها .
قد يكون قائد ما علاقة التوحيد بالحضارة ......؟ التوحيد في أبسط صوره هو توضيح وتفصيل للمفاهيم الثلاث الآتية (الإله- الإنسان- الكون) وقد أوضح الإسلام أن الإنسان عبد لله الواحد الأحد ولكنه في نفس الوقت سيّد للكون فكلّ ما في الكون هو في خدمته ومسخر له ، وأن هذا الكون تحكمه سنن و قوانين يمكن الوصول إليها عم طريق البحث.
(( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ..)).
((إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان...)).
((اقرأ باسم ربك الذي خلق *خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم *علم الإنسان ما لم يعلم)).
(( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه)).
وهذه الأفكار هي التي انتقلت إلى العقل الأوربي في بدايات نهضته ولكن هذا العقل بترها ,فلم يأخذ إلاّ بنصفها فأخذ بفكرة أن الانسان سيّد للكون ولكنه لم يرضخ إلى فكرة أن الانسان عبد لله فنشأت هذه الحضارة عظيمة في جانبها المادي هزيلة بل ومقرفة في جانبها الروحي والأخلاقي .
هذا بالنسبة إلى الماضي أمّا بالنسبة لمجتمعاتنا المعاصرة فليس لنا حلّ إلاّ باسترجاع تلك الأفكار والمفاهيم و نشرها وغرسها في العقل العربي المسلم ، وهذا ما دعي إليه سيد قطب ومالك بن نبي اللّذان ظنّ الكثير أنّهما من مدرستين متعارضتين ولكني أرى أنهما على شيء واحد في ما يخص إحداث نهضة عربية إسلامية ولكن كلّ بطريقته .
فسيد قطب كان يرى أن الحل هو بإعادة صياغة العقل الإسلامي على عقيدة التوحيد التي جاء بها القرءان والسنة الصحيحة , ومالك بن نبي الذي تكلم بالغة الفيزيائية عن الحضارة فقال إن الحضارة هي تراب- إنسان- زمن .
وقال مالك بن نبي إنه لتحريك هذه المعادلة لابدّ من دين هو بمثابة الكهرباء لتشغيل الآلات ومالك بن نبي يتكلم عن الدين الخالص الذي جاء به محمد r ,فدائما ما يستشهد بتصرفات وحياة الصحابة وليس الدين الذي شوه في ما بعد حتى أصبح مثبطا وصادا للإنسان عن الحضارة في ما يسميه مالك بالقابلية للاستعمار الذي ساد بعد دولة الموحدين .
ومن الشروط أيضا لإقامة أي مشروع نهضة إخراج المجتمع من حياته القاصية .
فالمجتمعات ثلاثة أصناف: مجتمع الضرورة +مجتمع الحاجة+ مجتمع الرفاه.
فمجتمع الضرورة هو ذلك المجتمع الذي يعيش جلّ أفراده ليلا نهارا وراء سدّ حاجاتهم من غذاء وملبس ومسكن ،وهذا المجتمع لا يمكن أن ينجح فيه أي مشروع نهضة لأن أفراده ليس لهم رغبة في التضحية من أجل المستقبل وإنّما هم سكارى وراء ضروراتهم حتى أن الله جلّ وعلا لما أمر قريشا بعبادته ،والعبادة هنا بالمعنى الشامل أي الخلافة واستعمار الأراضي ,قال لهم : ((لإيلاف إيلافهم رحلة الشتاء والصيف *فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وءامنهم من خوف ......)) فالله جلّ وعلا أمرهم بالعبادة بعد أن أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف فالمجتمع الجائع لا تنجح فيه نهضة والمجتمع الخائف كذلك ومجتمعاتنا العربية والإسلامية هي في أغلبها تعيش حياة الضرورية وهذا ما أفشل كثير من مشاريع النهضة .
أما مجتمع الحاجة هو ذلك المجتمع الذي تجاوز ضروراته فلا تجده منشغلا كثيرا بالجوع أو الخوف أو المسكن ...وإنما تجد معظم أفراده يسعون ويطمحون إلى تقديم شيء مفيد لمجتمعاتهم وللإنسانية عموما .وهذا الصنف تنجح فيه مشاريع النهضة والقليل من المجتمعات الإسلامية تعيش في هذا الصنف ،ربما بعض الدول الخليجية فقط.
ومجتمع الرفاه هو ذلك المجتمع الذي تجاوز ضروراته وحاجاته وأصبح يسعى وراء الرفاه والمتعة وهذا المجتمع لا توضع فيه مشاريع للنهضة لأنه مجتمع متحضر،وناهض بالأساس وإنما يحتاج إلى التوجيه والتطعيم لأنه قد ينزل بالإنسان إلى أسفل سافلين وهذا ما نراه في الدول الغربية الأوروبية والأمريكية في عصرنا الحالي حيث أصبح العالم الغربي يبيد شعوبا ودولا وحضارات من أجل توفير المتعة والرفاه لشعوبه .
*أيديولوجية اقتصاد السوق ......استسلام للدولة:
بعد نهاية الحرب الباردة وسقوط الأيديولوجية الاشتراكية ( لنا تعقيب على هذا التطبيق سنورده فيما بعد) .وظهور ما يسمى بالعولمة شاعت فكرة تلوكها ألسنة السياسيين العرب و المسلمين أنه لا حلّ إلاّ بانتهاج استقلالية السوق والأيديولوجية الرأسمالية كسبيل وحيد لتحقيق التنمية ونفض غبار التخلف...
ظهرت الرأسمالية كنظرية اقتصادية للتنمية في القرن 18هـ على يدّ آدم سميث في كتابه (ثروة الأمم) ،وتقول هذه النظرية أن السبيل الوحيد لتحقيق التقدم والازدهار هو برفع كلّ القيود والحواجز أمام النشاط الاقتصادي ...لأن حرية السوق تضمن لنا تنافسا شريفا ينتهي بتحقيق الإنتاج الأوفر والأجود.
في الحقيقة أن حرية السوق المطلقة نظريا ربما تقنعنا بأن الإنتاج الأوفر والأجود سيتحقق ولكن واقعيا لن يحدث هذا كما تصوره آدم سميث ورواد النظرية الليبرالية لأنه سرعان ما يحدث الاحتكار والتلاعب والتجربة تثبت ذلك .
هذا من الناحية النظرية ...حتى وإن سلمنا بأن هذه النظرية ناجحة وصالحة لتحقيق رغبات مفكريها تبقى مشكلة العدالة الاجتماعية التي لن تتحقق بالنظرية الليبرالية بتاتا ....فمن النتائج المسلم بها في الاقتصاد الرأسمالي ازدياد عدد العاطلين عن العمل واتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء داخل الدولة والعالم عموما .
تقول لنا الإحصاءات التي تقوم بها الأمم المتحدة أن 20 % الأكثر ثراء في العالم يحوزون على83 % من الدخل العالمي و20 % الأكثر فقرا يحوزون على1,4% فقط من الدخل العالمي لسنة 1992 م.
أيضا تقول الإحصاءات أن أكثر من مليار إنسان أي ما يعادل خمس سكان العالم يعيش واحدهم بأقل من دولار واحد في اليوم . وهناك مليار و500 مليون آخرون يعيشون على ما يتراوح بين دولار و اثنين في اليوم ، وتقول أيضا الإحصاءات أن 40 % من سكان العالم فعليا يشكلون طبقة عالمية دنيا تجابه كل يوم واقع الفقر المدقع ,هذه إحصاءات 2005 م .
قد يقول قائل أن هذه النتيجة لا علاقة لها بالاقتصاد الرأسمالي وإنما هي نتيجة اقتصادية طبيعية فدول العالم المتقدم هي دول عاملة ونشيطة فحققت لشعوبها هذا الرفاه ,بينما الدول الفقيرة لم تحرك ساكنا فنتج هذا الجوع والفقر لدى شعوبها......
وهذه النقطة يعتبرها بعض الاقتصاديين حجة وليست عيبا في النظرية الرأسمالية بينما في الحقيقة إن الإحصاءات تؤكد أن الهوة بين الفقراء والأغنياء موجودة حتى في الدول الرأسمالية المتقدمة نفسها.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية بلغت حصة الفئة الدنيا سنة 1980م نحو5,3 % من الناتج المحلي الإجمالي بينما حصة الفئة العليا (الغنية) نحو 39,9 % من ناتج القومي الإجمالي, في استراليا سنة1975 م بلغت حصة الفئة الدنيا نحو 5,4 % من الناتج المحلي الإجمالي بينما حصة الفئة الغنية 47,1 % وفي بريطانيا سنة 1979 م حصة فئة الدنيا 7 % وحصة الفئة العليا 39,7 % .
ولكن يغطي هذا التفاوت الرهيب هو أن هذه المجتمعات تعيش في حالة الرفاه أي أن غالبية مواطنيها تجاوزوا عتبة الفقر ،ولو نزلت هذه المجتمعات تحت عتبة الفقر لرأينا في هذه الدول ما نرى في بلادنا الآن.
وهذه هي المشكلة الأساسية في النظرية الرأسمالية فعالميا تزداد الهوة بين الفقراء والأغنياء عاما بعد عاما ومحليا تزداد هذه الهوة بين الفقراء والأغنياء داخل الدولة الرأسمالية الواحدة ، ولكن الدول المتقدمة تحلّ مشاكلها الداخلية لاجتناب سخط شعوبها ولكنها تتبرأ من المشكلة عالميا في حين أنها هي سبب الأزمة التي تواجهها دول العالم الثالث ، من استعمار دام أكثر من 3 قرون نهبت فيه كل خيرات وثروات هذه الدول ثمّ تلاه استعمار اقتصادي يضع حواجز وعقبات أمام نهوض أي دولة من العالم الثالث ثمّ جاءت فكرة اقتصاد السوق والانفتاح على الاقتصاد العالمي كفكرة تروج لها البلدان المتطورة لتقنع بها دول العالم الثالث أنه لا سبيل لتحقيق التنمية إلاّ بها ،ومضمون هذه الفكرة هو:
يجب على هذه الدولة التي تبنت اقتصاد السوق كأيديولوجية للتنمية مايلي:
- أن تفتح حدودها البرية والبحرية والجوية أمام الشركات والمؤسسات الاقتصادية العالمية وذلك بإلغاء كل الحواجز الجمركية والعقبات القانونية والسياسية أمام دخول السلع والأموال والشركات المتعددة الجنسيات ,كذلك يجب على هذه الدول أن ترفع كل أشكال الدعم المالي أو القانوني للسلع والمنتجات الوطنية ,كما يجب عليها تحرير عملتها النقدية........
وبالتالي تصبح الدولة لا تؤدي وظيفتها التي أنشأت من أجلها لأن من وظائف الدولة الأساسية هي رعاية وتأمين العيش الحسن لمواطنها فهذا استسلام للدولة وهروبها من مهمتها.
وحجة منظري هذه الفكرة هو أن الدولة إذا فتحت أسواقها وحدودها وهيأت البنية التحتية من طرق و شبكات اتصال وقوانين صارمة فإن الاستثمار العالمي سيتجه إلى هذه الدولة وستستفيد هذه الدولة من هذه الشركات بتوظيف عمال هذه الدولة وبرفع العلامة التجارية لها.
هذا من الناحية النظرية صحيح ولكنه لا يحقق تنمية قوية لهذه الدولة لأنها ستصبح غارقة في التبعية الاقتصادية للاقتصاد العالمي لان الانفتاح على الاقتصاد العالمي شيء جميل ولا مفر منه في عصرنا الحاضر ولكن يجب على اقتصاد هذه الدولة أن يتعد العتبة حتى يصبح قادرا على مواجهة ومنافسة الاقتصاد العالمي وإلا ّفإن هذه الدولة ستصبح بمثابة سوق كبير للمنتجات العالمية هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن معظم دول أمريكا الجنوبية تبنت هذه الأيديولوجية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي ولكنها لم تفلح بل انهارت
في ما بعد وأصبحت شعوب هذه الدول ناقمة على الرأسمالية العالمية فوجدنا أن الشيوعيين والاشتراكيين قد عادوا إلى سدّة الحكم في معظم هذه الدول .
ومن ناحية أخرى فإن معظم بلداننا العربية وإسلامية لا تمتلك بنية تحتية من طرق وشبكات اتصال وقوانين صارمة وليس لها اقتصاد قوى يمكنه مجابهة الرأسمالية العالمية ولكننا وجدناها تهرول وراء الانفتاح دون أي إستراتيجية سياسية واقتصادية .
وهذا ما فعلته الصين الشعبية التي أصبحت من أقوى الدول الاقتصادية في العالم فإذا تأملنا مسيرتها منذ قيام الثورة الشيوعية بقيادة ماوتسي تونغ وقيامه بالثروة الثقافية وانطلقت نهضة صينية كبيرة متبنية الاشتراكية كأيديولوجية اقتصادية ثم لما أصبح اقتصادها قويا وقادرا على منافسة الرأسمالية العالمية بدأت الصين تتجه نحو الانفتاح على الاقتصاد العالمي وقد عاد هذا الانفتاح بالفائدة على الصين للأسباب التي قلناها من قبل .... وكأن نجاح الانفتاح على الاقتصاد العالمي مرتبط بعتبة ودرجة ما يجب أن يصل إليها اقتصاد الدولة التي تريد الانفتاح وإلا فإن الانفتاح سيضرها ,ونجاح التجربة الماليزية ليس ببعيد عن هذا فماليزيا لم تنفتح مباشرة على الاقتصاد العالمي وإنما كانت الحكومة توجه هذا الانفتاح حتى يفيد اقتصادها .
قد يقول قائل لماذا نجحت دول أوربا الشرقية في انفتاحها على الاقتصاد العالمي في حين لم تنجح دولنا العربية والإسلامية ......أنا أرى أنه إضافة إلى المشاكل السياسية في بلداننا فإن دول أوربا الشرقية قد نجحت لأنها منتمية إلى نسق الحضارة الغربية ،في حين أن الدول والشعوب التي لها نسق حضاري مخالف للحضارة الغربية صعب عليها أن تحقق تنمية قوية دون الأخذ بالاعتبارات الحضارية ,أي يجب عليها أن تعدل في النظرية الرأسمالية حتى تصبح صالحة للتطبيق في هذه الدول و إلا فإنها لن تنجح.
*إذن ما العمل ؟ ......هل الاشتراكية هي الحلّ :
ربما يظنّ البعض أنّ انتقادنا لاقتصاد السوق والنظرية الرأسمالية أننا نميل إلى الشيوعية ونروج لها.... فعند البعض شرط إنك إن لم تكن رأسمالي فأنت شيوعي وهذا ليس صحيح ف,بين الشيوعية والرأسمالية مساحات واسعة للفكر والتنظير .....ولمعرفة ما إذا كانت الشيوعية أو الاشتراكية هي المنقذ لإحداث تنمية في عالمنا العربي والإسلامي يجب أن نعرف أصول الفكر الشيوعي والاشتراكي.
الشيوعية هي حركة اجتماعية وسياسية تهدف إلى السيطرة على المجتمع ومقدراته لصالح أفراد المجتمع بالتساوي ،والشيوعية هي المرحلة التي تأتي بعد الاشتراكية كما يقول زعيمها الفكري كارل ماركس .
فحسب ماركس فإن الصراع الطبقي أثناء سيطرت الرأسمالية سيؤدي إلى حدوث ثورات وانتفاضات في العالم تنتهي بظهور المرحلة الاشتراكية التي يكون فيها لكلّ عمله ولكلّ حسب عمله ثمّ تأتي الشيوعية في النهاية حيث يكون لكل عمله ولكل حسب حاجته وتزول الدولة كما يقول ماركس .
في حين يقول منظري الرأسمالية الجديدة أن المرحلة التي بعد الرأسمالية هي مرحلة العولمة ونحن نعيشها الآن كما يقول فرانسيس فوكوياما في كتابه [نهاية التاريخ] ومن العجيب أن فوكوياما يقول أنه في مرحلة العولمة سيكون 80 % من سكان الأرض خارج سوق العمل وسيعيشون على الفتات .... فأي تقدم وتطور هذا الذي سيؤدي بالعالم إلى الهاوية .....إن أسطورة ربط التقدم بالإنتاج وليس بالإنسان خطأ كبير ,فما معنى ضخامة الإنتاج وجودته ومعظم سكان العلم يعشون على الفتات .....أليس هدف الإنتاج والتقدم هو تحسين مستوى حياة الإنسان فإن كان هذا هو الهدف فحتما أن هناك خلل أوصل العالم إلى هذه الحالة وسيوصله إلى الهاوية أن لم يتدارك الأمر.
ويقول فوكوياما أن البشرية لن تطور بعد هذه المرحلة في حين يقول منظرو الشيوعية أن مرحلة العولمة هي تلك التي تكلم عنها كارل ماركس وسماها بالعهد الكوسموبولوتي الذي يغلب عليه الطابع الاحتكاري ثمّ تأتي بعده الثورات التي تكلم عنها ماركس .
المهم عندنا الآن هل الاشتراكية ستنقذنا وتنقذ العالم أم أن هناك حلّ آخر .
لقد ربطت النظرية الرأسمالية التقدم بكمية الإنتاج وجودته وهذا خلل كبير في حين ربطت النظرية الشيوعية التقدم والتطور بحاجة الإنسان وضروراته المعيشية وهذا هدف نبيل كان سبب في رواج الأفكار الشيوعية في العالم في بديات القرن 20 م .
في الحقيقة إن الأفكار الشيوعية هي أفكار مثالية لا يمكن تطبيقها على الواقع لأنها تتنافى مع الحياة التي جعلها الله عز وجلّ تدافع بين الفقراء والأغنياء والصالحون و الفاسدون ,فان تكون الحياة يسود فيها العدل المطلق فهذا لم ولن يكون إلا في الآخرة , لأن طبيعة الحياة هكذا .
هذا بالنسبة للشيوعية كنظرية للحياة ونحن نقول أن الإسلام هو الذي وضع توازن بين تقدم الحياة الإنسانية ومدى تمسكها بالأخلاق والإيمان ،فالإسلام دعى إلى السير في الأرض واكتشاف أسرارها واستعمارها ولكنه ربطها دائما بالإيمان وغاية الحياة أصلا ((...هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها....)) .
((قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق)) .
((اقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الانسان من علق.......)).
قد يقول قائل هذه مبادئ وأفكار مشوقة ولكن هل هناك في الإسلام آلية صالحة للتطبيق يمكنها أن تحقق هذا الاتزان بين تطور البشرية وتطور التكنولوجيا.
في الحقيقة ان الإسلام كعادته دائما إذا أراد أن يحمي المجتمع من الخروج والحياد عن غايته التي وجد من أجلها أن يضع له مجموعة من القوانين الصارمة ثم يدع المجال للأخلاق والآداب كقضية الحدود فالإسلام دعا إلى إنشاء مجتمع صالح ولكنه لم يدعو للأخلاق والمبادئ وحدها لتنشئ هذا المجتمع وإنما وضع حدود (حدّ السرقة ،حدّ الزنا.........) تعتبر هذه الحدود بمثابة حراس أو حواجز تمنع المجتمع من تعديها لأنه لو تعداها و شاع فيه الزنا مثلا أو السرقة لخرج المجتمع وحادّ عن غايته التي خلق من أجلها وهي الخلافة واستعمار الأرض ،وأيضا بالنسبة للحياة الاقتصادية فالإسلام مثلا حرم الربا واعتبره من الموبقات السبع وحرم الاحتكار وأمر بالزكاة بل جعلها ركن من أركان الإسلام فلو منع هذا العالم الربا والاحتكار الجشع ما وصل إلى ما وصل إليه الآن .
في الحقيقة هذه هي الأصول الاقتصادية للإسلام فيجب على اقتصاد هذه الدولة الإسلامية التي ندعو لها أن يحرم الربا ويحرم الاحتكار ويفرض الزكاة كضريبة للأغنياء وللمجتمع عموما (أصناف الزكاة الثمانية ).
ربما يتساءل أحد .....كيف يمكن أن نحدث تنمية بدون فوائد ربوية وبدون بنوك ربوية .
نحن نقول أن في الإسلام حلول لقضية تعامل مالك المال مع مستثمر المال فإذا كانت الرأسمالية تضع علاقة ربوية بين مالك المال الذي هو :بنك أو مؤسسة ,وبين المستثمر أما في الإسلام فالعلاقة هي:مشاركة أو مضاربة أو مرابحة .......الخ .
فإذا كانت الرأسمالية الغربية قد جسدت العلاقة الربوية بين المالك والمستثمر في البنك الذي مهمته الإقراض والاقتراض بفائدة (الربا) ونحن نقول أنه يجب علينا أن نجسد العلاقة بين مالك المال ومستثمره في شكل هيئة أو مؤسسة معينة ولتكن مكاتب الاستثمار التي تعمل كوسيط بين الملاك والمستثمرين .
ونحن ليس لنا حاجة بالبنك كما هو عليه الآن لأن البنك في أصله هو مولد للربا ...لماذا لا ننشئ هذه المكاتب وليكن للدولة بنك عام مثلا تكون مهمته حفظ أموال المواطنين دون فائدة ربوية .
في الحقيقة هذه فكرة أطرحها بين يدي المختصين لدراستها وتطويرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق