الثورة.....المنعرج التاريخي:
الثورة كما يعرفها علماء الإجتماع و السياسة هي تغير جذري في بنية المجتمع السياسية و الأجتماعية فبنية المجتمع قبل الثورة تخالف بل و تناقض في كثير من الأحيان بنيته قبل الثورة....ففرنسا ما بعد ثورة 1789 تناقض فرنسا ماقبل 1789 ، و بريطانيا ما بعد ثورة 1668 تناقض بريطانيا ما قبل 1668،و الو.م.أ بعد ثورة 1776 نفس الشئ.
و سنة التاريخ و قانونه أن تلك المنعرجات في تاريخ المجتمعات لا تتم مجانا و إنما لابدا من ضريبة يدفعها أفراد ذلك المجتمع ، فالإنسان عندما ينتقل من المرحلة الجنينية في بطن أمه الى مرحلة الحياة الدنيوية ،تدفع أمه ضريبة الألم الشديد الذي تعانيه، ولا يدرك ذلك الألم إلأ من رأى المشهد أمامه و في بعض الأحيان تدفع الام حياتها ضريبة لهذه المرحلة، و لكن سرعان ما تنتهي تلك الحالة و ينمو الطفل و يكبر....و كذلك عندما ينتقل الإنسان من مرحلة الطفولة الى مرحلة الرشد و الرجولة فهو يمر بمرحلة فاصلة و خطيرة هي مرحلة المراهقة التي قد يقوم فيها الطفل بتصرفات طائشة تؤذيه او تؤذي أهله، و كذلك ثورة الشعوب.
و بالتالي فما يقوله البعض من أن ثورة الشعب في مصر و قبلها ثورة الشعب التونسي أدت الى حدوث عمليات نهب و ترويع كنا في غنا عنها فلو صبرنا لأنتقلنا الى الديمقراطية و الحرية بطريق سلسة سلمية....و هذه مثاليات الشعراء لا توجد قاموس ثورات الشعوب عبر التاريخ.
صحيح بالإمكان أن نخفف من ألم المرأة أثناء الولادة ببعض العقاقير و الأدوية أو نوجه الطفل في مراهقته و نرشده حتي يمر بها بسلام ، و كذلك الشعوب في ثوراتها يمكن أن نهذب الإحتجاجات و المظاهرات للتخفيف من الضحايا و الخسائر و لكن لا يمكن أن نجعلها وردية مثالية كما يقول البعض.... فساعة و احدة في حياة الحرية و الديمقراطية ستنسينا عذاب و مشقة الدكتاتورية لعقود عدة كما تنسى الام عذابها عندما ترى طفلها أمامها.
لا يمكن لهذه الثورة أن تفشل لأن فشلها هو بمثابة تأجيل للتحول الديمقراطي لعقود بل و لقرون عدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق